الثلاثاء ,19 مارس 2024 - 11:16 صباحًا
الرئيسية / كُتاب صفحات / سبعون اسما للكلب

سبعون اسما للكلب

أحمد بن سالم الفلاحي –
[email protected]
في طريقي شبه اليومي بمحاذاة شاطئ الحيل، بدأت أرصد اهتماما واضحا لدى كثير من الشباب الصغار «الذكور» بتربية الكلاب، حيث يحضرون كلابهم في فترات المساء على وجه الخصوص يقتادونها بغية التسلية ربما، أو التدريب ربما، أو تفريج همومها ربما، أو المباهاة ربما، وهناك تفاسير كثيرة ينبئ عنها هذا الاهتمام في الفترة الأخيرة من قبل هؤلاء الشباب، مع أن تعليمات البلدية – عبر لوائح تعليمات خاصة – على امتداد هذا الشاطئ تحذر من اصطحاب الكلاب على الشاطئ، حرصا منها على سلامة مرتادي الشاطئ من ناحية، ومن عدم بث الخوف في نفوس الأطفال الصغار على وجه الخصوص من ناحية ثانية، وهذا الاهتمام باقتناء الكلاب يظهر جليا حتى في الحارات، فالحارة التي أسكن فيها هناك أكثر من بيت واضعين صورا لكلاب على مداخل منازلهم، تخبرنا أن هذه البيوت بها كلاب، إما بهدف الحراسة، أو بهدف التربية كنوع من حقن الحياة بصور حديثة كتربية الكلاب والقطط، ولذلك ففي بعض المنازل يتعالى نباح الكلاب مشعرا كل من يمر بمحاذاة المنزل بشيء من الخوف والرهبة، فهناك أناس كثيرون تثيرهم هذه الأصوات، فتشعرهم بخوف غير عادي.

الحديث هنا يقينا ليس عن الكلاب وماهيتها فقط، ولكن عن مواقف طريفة جرّت علماء إلى الاهتمام بأسمائها، وجرّت آخرين إلى الاهتمام بها كمخلوقات ظريفة وساكنة وهادئة، وإلى أخرى شرسة ومهاجمة ومؤذية، ولذلك قيلت فيها الكثير من أبيات الشعر، وروي عنها الكثير من القصص والحكايات التي أصبحت مضرب مثل، وتندّر، حيث تختزنها الذاكرة، كنوع من الطرافة والجمال، ومن ذلك ما روي عن أبي العلاء المعري عالم اللغة والحكمة والأدب، والقصة معروفة ومتداولة على نطاق واسع، أنه دخل مجلس الشريف الرضي، صاحب كتاب نهج البلاغة، وهو من العلماء الأجلاء والأدباء الكبار في بغداد، فتعثر أبو العلاء برجل، وقيل داس رداءه، عن غير قصد، لأنه كان أعمى، فقال الرجل من هذا الكلب، فرد عليه أبو العلاء ببديهته المعروفة، واستحضاره القوي المباشر: «الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسما».
واليوم تشير كثير من المصادر أن هذه الجملة شغلت الشيخ جلال الدين السيوطي عالم اللغة والفقه المعروف، فألف كتابا سماه (التبري من معرة المعري) حيث بحث في اللغة عن أسماء الكلب، فوقف على أكثر من (60) اسما للكلب، وقد ألف في أسماء الكلب هذه أرجوزة – اقتطف جزءا منها -:
من ذلكَ (الباقِعُ) ثم (الوازِعُ)… و(الكلبُ) و(الأبقَع)ُ ثم (الزارعُ)و(الخيطَلُ) (السخامُ) ثم (الأسدُ)… و(العُربُج) (العجوزُ) ثم (الأعقدُ) و(الأعنق)ُ (الدرباسُ) و(العَمَلّسُ)… و(القُطرُبُ) (الفُرنيُّ) ثم (الفَلحَسُ) و(الثَغِم) (الطَلقُ) مع (العواءِ)… بالمدّ والقَصرِ على استواء وعُدَّ من أسمائِهِ (البصيرُ)… وفيهِ لغزٌ قالَه خبيرُ والعربُ قد سمّوهُ قدماً في النفيرِ… (داعي الضمير) ثم (هانئو الضمير)
وهكذا سموه (داعي الكَرَمِ)…. (مشيدَ الذكرِ) (متمّمَ النعَمِ)
ومما يذكر من طرائف العرب في شأن الكلاب، سياقان الأول: حول الكرم، ومن ذلك القول: «يا جبان الكلب، ويا مهزول القطيع» فجبن الكلب هنا ناتج عن كثرة الضيوف الذين يرتادون هذا المنزل أو ذاك، ولذلك فلم يعد الكلب ينبح مرتادي المنزل لتعوده على ذلك، وهذا كناية عن الكرم، وأما الموقف المعبر عن البخل، فمن ذلك القول: «قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم، قالوا لأمهم بولي على النار».
أما قصة الوفاء التي يتميز بها الكلب دون غيره من الحيوانات الأليفة فكثيرة، لا تعد ولا تحصى، كلها تزجي الشكر والعرفان لهذا المخلوق العجيب، الذي تستخدمه اليوم الأجهزة الأمنية في الكشف عن أدق التفاصيل في الجرائم، وفي الوصول إلى المجرمين.

شاهد أيضاً

فورسترلينج تتوج ببطولة أرامكو لفرق السيدات للجولف

خاص – صفوان الهندي اختتمت في تامبا بولاية فلوريدا الأمريكية سلسلة فرق أرامكو للسيدات للجولف …