الخميس ,2 مايو 2024 - 4:18 مساءً
الرئيسية / ثقافة وأدب / الأديب والناقد … والعلاقة بينهما  

الأديب والناقد … والعلاقة بينهما  

 

 

   خالد جمعة

الناقد والأديب شركاء في تجلية الصورة الأدبية وتوضيح الجوانب الجمالية، يندفع الأديب معبراً عن نفسه بعد استجابته نفسياً وفكرياً لتجربة ما من التجارب التي تدفعه للقول وتحركه للتصوير فالتجربة بهذه المثابة قوة دفع أو طاقة قوية متفجرة تحرك مواهب الأديب وتدفعه ليقول ما يشاء طبقاً لملابسات الموقف ومناسبات التجربة وهذا الارتباط بين التجربة والتعبير يعتبر أحد نقاط الارتكاز التي يبحث عنها الناقد ويسعى للتنقيب عنها ومعرفة حقيقتها وقيمتها ، أو هي إحدى إمارات العمق في نفس الأديب والصدق في رسم جنبات الموقف .

والحياة بما رحبت وبما امتلأت من ظروف تدفع الإنسان إلى مواقف كثيرة تثير في نفسه الرضا أو تملؤها بالسخط والأسى فما الإنتاج الأدبي إلا الوليد الطبيعي لوقع الموقف أو التجربة على نفس الأديب فتفجر فيها الإحساس وتدفعها للتعبير عن مشاعرها سارة كانت أم أليمة وقد يكون تعبيراً مقتضباً عابراً أو نكتة لاذعة أو حكمة عميقة وقد يكون تعبيراً لغوياً صافياً فيه تصوير كامل للنص ووقع الحدث عليها وفيه ترتيب للأفكار ترتيباً يتم عن صدق الإحساس وعمق الشعور ودقة الوعي والإحاطة العامة بالتجربة وهذا التعبير اللغوي الصافي المفصح عن فكر المرء الكاشف عن خلجات نفسه وذبذبات فؤاده المبين لأفكاره حيال موقف من المواقف هو ما نتناوله باسم الدراسة باسم الأدب .‏

وعلى قدر تعمق الموقف لنفس الأديب وإحاطته بجزئيات هو إبعاده وطاقاته التعبيرية والتصويرية تكون قيمة إنتاجه وقيمة أدبه في مرأى النقد ولشدة الارتباط بين الإنتاج الأدبي ونفس قائله كان من الصعب على الأديب أن يتعقبه ناقد باسم الحفاظ على القيم الفنية والأصالة الأدبية والغايات الجمالية والحقائق الفكرية وذلك لأنه اشتق إنتاجه من ذاته وانتزعه من نفسه فأي طمس لهذا الإنتاج تجريح لتلك الشخصية التي لايسمح لها أن تجرح أو تهان ، أو تمزق تحت أي سبب من الأسباب ولكن العمل النقدي في الحقيقة ليس تمزيقاً للنص ولا تجريحاً للأديب وليس هدفاً للكيان الجمالي الذي اتعب الأديب نفسه في سبكه وأذابها في بنائه .‏

العمل النقدي إذن توضيح للصورة وتجلية للفكرة وصقل للبناء انه يقوم على إبراز سمات الجمال التي ضمنها الأديب في ثنايا تشكيله فالخصومة بين الأديب والناقد خصومة متوهمة لا تستند إلى حقيقة لان الناقد يهتم بإبراز الأديب كما هو في الحقيقة دون غبن لحقه أو تجسيم صورته وهذا ما يرجوه الأديب وإذا كانت هناك رغبة من بعض الأدباء في تجاوزهم لقدرتهم الفنية وتمدهم بما لا يستحقون أو جموح من بعض النقاد في تجريح الأدباء والحط من أقدارهم فتلك قلة معدومة لا تطغى على الأصل العام ، الذي يستهدف بيان الحقيقة وقول الحق .‏

فالناقد والأديب شركاء في تجلية الصورة الأدبية وتوضيح الجوانب الجمالية وإبراز اللمسات الشعورية التي تضمنها النص .‏

ونستطيع إيجاز مهمة الناقد في المهام الآتية :‏

– يترجم لنا النص ترجمة علمية دقيقة توقفنا على سر الحياة وسر الجمال فيه .‏

– يفسر لنا الحياة من خلال النص ويكشف عن رواية الأديب لها ورأيه فيها .‏

– يكشف لنا أعماق الأديب ويفسر لنا نفسه ومهمته ووعيه ومشاعره ودرجة إحساسه بالموقف واستيطانه التجربة ورأيه فيها .‏

– يرينا مقدار إلمام الأديب باللغة ودقة إحساسه بمعانيها وإيحاءاتها .‏

– يرينا مدى قدرته على سبك العبارة ونظم الكلمة .‏

– يرشدنا إلى ما قد يخفى عنا من سائر ملامح الأديب الشخصية والفنية .‏

– يرشدنا إلى الجديد الذي إضافة الأديب إلى التراث الأدبي ومدى قدرته على استغلال موروثنا الأدبي وتراثنا الثقافي .‏

– يقدم لنا المعونة الصادقة لمعرفة ما نحتاجه عن الأدباء وعن المذاهب والفنون .‏

وإذا كانت للناقد كل هذه الآثار فإنه بهذه المثابة لايقل ايجابية عن الأديب بل يعتبر فناناً مبدعاً ، لأنه ترجم لنا من خلال النص تجربة الأديب ووقفنا على مقدار ما فيها من عمق الفكرة وصدق العاطفة وجمال الموسيقا وروعة الخيال بل أننا أحياناً لا نستطيع أن نستشعر الجمال في إنتاج الأديب إلا إذا أجازته لنا حاستنا الناقدة أو أجازه لنا العارفون .‏

 

شاهد أيضاً

الأمريكي جون كاتلين يتوج بلقب بطولة السعودية المفتوحة للجولف

متابعة صفوان الهندي توج الأمريكي جون كاتلين بلقب بطولة السعودية المفتوحة للجولف والمقدمة من صندوق …