السبت ,27 أبريل 2024 - 11:39 صباحًا
الرئيسية / ثقافة وأدب / خالد خليفة المحب

خالد خليفة المحب

| إسماعيل مروة

في كل مكان حلّ فيه كان دافئاً وطيباً، وكلما كنا نذهب إلى موعد أصدقاء، كانت طاولة خالد خليفة هي المحطة الأولى قبل اكتمال المجموعة، وفي مرات عديدة كان الكاتب الجميل يضع أوراقه جانباً، ويقفل حاسبه ليمتع الآخرين بابتسامته الودودة للغاية، ولم يكن خالد يدري أن كل الذين يجلسون معه، وإن بدت عليهم سيماء العلم والوقار، إنما يجلسون حباً ورغبة في أن تعديهم رياح المحبة والطيبة، ولوثة الإبداع التي حملها خالد، وتميز فيها عن أقرانه.

كل من حولك كتب رواية، ووحدك كنت المميز حقاً، دون أي دعاية، ولا أحد يعرف سرّ تميزك هذا، كان سرك معجوناً بالأرض البعيدة، يحمل آهات البسطاء، وحين كتبت عن الكراهية صارت شعاراً ودوا لو سلبوك فضيلته، وحين رثيت من لم يصلِّ عليه أحد، ودّ الجميع أن يكونوا ذاك الشخص، وكلما كتبت أمراً كانوا يحاولون تأويله وتفسيره، ووحدك كنت تسخر من كل التفاسير، لأنها مفسرة وحدها، كنت تكتب كما تتنفس، وكانوا يكتبون ليصلوا..

طرقت رواياتك الجوائز الكبرى من دون أن تحملها إليها، ودون أن يكون وراء الروايات من يسوق الوصول، ترجمت رواياتك لأنها تستحق لا لشيء آخر.. كنت محلقاً في عالمك، منغمساً في الناس وهمومهم، وكنت سورياً بامتياز لم تعتن بغير سورية، ولم تكتب إلا كجراح يريد البرء والشفاء لمن يحب.

قليلون هم الأدباء الذين استهوتهم الدراما، فنجحوا في الأمرين معاً، إن إبداعك المجنون كان كفيلاً بأن يجعلك ناجحاً في كل ميدان، فكما نجحت في الحياة أن تكون إنساناً يمشي بثبات على أرض راسخة لم تغيره الشهرة، وبقيت تدعو كل شخص لمشاركتك الجلسة التي اخترتها، كذلك نجحت في الرواية وتفوقت في عوالمها.. وفي الدراما قدمت الأعمال الباقية، سواء كانت في حكايات معقدة تعتمد الأجيال، أم في حكاية بسيطة استطعت أن تحولها ببراعتك الروائية إلى حكاية جميلة وتستحق.. وهل ينسى المشاهد حروفك التي كتبها المطر، والتي قدمت حكاية الحياة البسيطة بأبهى صورة؟ وهل ننسى لوحات قوس قزح؟ وهل ننسى شخصية الضرير التي امتلأت مشكلات وعقداً لتتحول إلى إنموذج إنساني بكل ما فيه من قسوة وضعف؟

خالد خليفة عاشق الورق، مدمن الرواية، صانع الحبكة، نقل أدواته معه إلى الدراما، فقدم دراما روائية قوية متماسكة.. وفي كل حالاته لم يتوقف خالد الجميل عن الحب وحب الناس والأصحاب، وكم كان خالد يشعر الجميع بأنهم مقربون، لأنهم هم كذلك حقاً عنده، فهم شخوصه وأهله وأحبابه.. لكل واحد حكاية مع الكاتب خالد خليفة، وقد تأتي حكايات لم تكن تخطر في بال لذاك المبدع، راهب الحرف الذي يختار طاولة في المنتصف في نادي الصحفيين حين كان للصحفيين هذا المقر، وترى شيبته ولحيته من البعيد، لتقصده قبل أن تحدد مكان جلوسك وأصدقائك.

خالد خليفة أيها المبدع الأستاذ والروائي الجميل، لم تسمح الظروف أن نكون أصدقاء مقربين، ولكن لن أنسى لك مواقف كثيرة فيها من النبل الكثير، أتذكرك في رقدتك عندما همست بأن أحدهم عاتب عليّ لسبب ما، وبأنك تحدثت معه، ووجدت لي المسوغات، وطلبت مني أن أبادر إليه! غيرك لا يفعل هذا أيها الرقيق المحب.. هل في عالم المثقفين من يتحدث بحب ويحمل رسائل حب؟

خالد خليفة وداعاً إلى أرضك التي خرجت منها، وكنت مخلصاً في العودة إليها باكراً، وتبقى علامة من علامات الرواية السورية في تاريخها، وأستاذاً لغدها.

عن صحيفة “الوطن”

شاهد أيضاً

الأمريكي جون كاتلين يتوج بلقب بطولة السعودية المفتوحة للجولف

متابعة صفوان الهندي توج الأمريكي جون كاتلين بلقب بطولة السعودية المفتوحة للجولف والمقدمة من صندوق …