امرأة من نار لهناء يزبك … شاعرية المعنى والوجدان والحنين

 

خالد جمعة

لاغرو أن تجمع هناء يزبك في ديوانها امرأة من نار كل تلك الانفعالات التي ساقتها بعواطفها وأحاسيها وهي تغدق علينا بوابل الصور لتشكل مع كلماتها وقصائدها حالة متفردة كهيجان البحر وسكونه ومابين مد وجزر تدلي يزبك بدلوها المتقد والحاضر وهي تتكئ في تموجها على شاعرية أنثى ماتزال ترنو بمسامعها إلى حنينها للوطن لدمشق الحاضرة أبدا للحب للحنين للوجدان .

العنوان الدال على الابتداء والخبر عرفتنا هناء على معالم ديوانها وأخبرتنا بدلالته أنها أنثى القصيدة الواحدة المتشكلة والمتازجة مع إيحاءات القصائد التي امتدت بمتن الديوان لتصل إلى  36 قصيدة امتدت ل 105 صفحات من القطع الوسط حصيلة دفتي عنوان مايزال موضع نقاش وأسئلة حيرى ماهية ودلالة . وهو من إنتاج سوريانا للإعلام حيث ساهم مع الشاعرة في إخراج فنية الكتاب جمال وصورة ,

امرأة من نار كما حمل عنوان الديوان حمل عنوان أحد القصائد بدلالة واضحة إلى اتساق المعنى بمنحنيات متعددة حملتها عرائش الياسمين الدمشقي على أسطر المجموعة وهي تتوحد مع كلماتها لتكون هناء هي القصيدة ولتكون القصيدة هناء بمعادلة عكسية نجد أنفسنا أمام مرجل حنين وشوق سعراته الحرارية تعالت لتنصهر معها عواطفها . فهي في ذات القصيدة تحكي :

وتتوارى أيامنا كالظل الصئيل

كانت عيناك حبن تتلو الشعر

يسمع الفضاء صوت الأنفس

وتعرش الكلمات

على الأقمار والأنجم

هل مللنا الوصل ؟

من محى الكرى سكرة القبل

وأشواق الكؤوس ؟

منذ البداية جعلتنا وقصيدتها في أجواء قصيدتها لم تترك مجالاً لنفسها ولا للقارئ أن يرتب ماجاء بل بعنفوان أكدت على فكرتها من خلال الواو لتترك لنا مانفسره قبل ورودها ولتصحبنا عبر تساؤلاتها المتعددة عما كان وكيف مضى .بل أنها جعلت من القصيدة منذ بدايتها تتكون كطعة طين تشكلها كيف أرادت عاطفتها .

كنت ذاكرة …لعطرك …. صوتك

رائحة كفك

كنت امرأة من نار … يرافقها الندى

لن تكون بعد اليوم

في ورق وسطور كتبي

ولا في صندوق ذاكرتي

لن تكون في قاموس الحروف

ولا في ألوان قوس قزح

لو كنا ندري لما أعطينا لحظة

في نعاس

لو كنا ندري لما قضينا لحظة

من حبنا في بعاد

بين انزياحات متعددة وتساؤلات وقرار ويقين أفضت الشاعرة عن هواجس قصيدتها وهي تعلن بالبوح المعلن الصريح بوح الأنثى الجميل رغم قساوة ماكان من ابتعاد .

الإهداء حمل مكنوناً خاصاً ترجمته الشاعرة بصياغتها لتهديه لعشقها الأزلي دمشق مدينة الياسمين فتقول :

إلى من عبق ياسمينها

في قلبي

فتناثر سحراً

على كلماتي

إلى مدينة الياسمين

دمشق ….

أهدي حروفي

وفي قصيدة حملت عنوان يارب احفظ دمشق نجدها تتماهى وإياها فتارة نجدها هي دمشق وتارة أخرى تتحدث عنها بصياغاتها وتاريخها وعظمة وجودها فتقول :

باسميني إكليل عروس … هدية للعاشقين

يعطر أنفاس الهواء

يمطر الندى نجوما فوق ثوب الليل

أسوار قلعتي … مآذني

أجراس كنائسي متذ الأزل

وسأكون إلى آخر الدهر

الشاعرة هناء يزبك في ديوانها امرأة من نار نجدها تلملم أشلاء عواطفها وتجمعها بعريشة ياسمين واحدة اختارت هي زهراتها ورتبتها بعناية لتكون مجموعة امرأة من نار مجموعة أنثى فاضت حنيناً وشوقاً ومحبة .