صفحات
خالد جمعة
_____________________________________________________________________
يحمل ديوان القبلة الأول لساندي إبراهيم الكثير من الجرأة والوضوح والمكاشفة فقد جعلتنا إبراهيم الولوج إلى عالم ديوانها الرحب من خلال العنوان الذي اختارته بكل جرأة الذي شكل مع قصائد مجموعتها تمازجاً أفضت به الشاعرة عن مكنونات قلبها المفعم عاطفة وحباً وحنيناً وشوقاً. الديوان رسم لوحات متعددة تنوعت بمضمونها وموضوعها وكما حمل العنوان اسم المجموعة حمل عنوان إحدى لوحات قصائدها متصدرة لها . القبلة الأخيرة فجاءت القصيدة بتكوينها ذات طابع عاطفي اشتياقي صارخ أعلنت فيها ساندي عن عاطفتها والتي احترقت بمرجل الرحيل والغياب تقول : لافائدة من ارتداء ظل الغياب مادامت الروح عارية لذا ارتديني كما كنت تفعل وأنت تحتال علي لتقطف القبلة الأخيرة من وجنتي ربما بين مدركات العاطفة التي تحملها أرادت صياغة مفهوم الحب على طريقتها وهو اسلوب الطلب بينما الغياب حاضراً فتلك القبلة التي تهافتت على الوجنات مازالت تحتضر لتشكل صياغة لمفهوم درامي جعلت منه ساندي مشهداً حيّاً لعاطفتها وتتابع : لن أغضب … لن أقاوم شهوة الحروف أعدك … سأكون سهلة المنال هذه المرة فقط هنا تستبعد الشاعرة أي محاولة للرفض أو المقاومة بل ستكون العفوية والاستسلام عنوان اللقاء ربما محاولة أو رفض للغياب الذي اعتادته فمهما يكن الاستسلام صعبا إلا أن مرارة الغياب تكون أصعب . في قصيدتها التالية والتي حملت عنوان تعال ياصغيري نجدها قد حلت أظفارها وجعلتها تنساب مع الريح كسنابل القمح ذات ربيع لتقول : تعال لنتقاسم أعباء الحياة لك الحب ولي الأمل أفتح يدي … وأنت تتبع الخطوط علك تجدها أقربها لقلبي كما حقل السنابل عندما ينتج قمحا وجدناها وهي تفتح قلبها بشفافيته وشغفه لحبيبها علّه يجد الطريق المثلى للوصول لقلبها فهي على استعداد لضمه فقد عبدت الطريق له وسوف تتركه يختار أي طريق يهواه . وتقول أيضاً بتساؤلات متكررة :
أيها المجنون … يابن هذا الليل المجنون أي حرب خلفتك ورائها أي امرأة وضعتك على الطريق تحت شجرة التوت … قرب بصر الماء .. بين إشارة وسؤال تضع ساندي حيرتها ليخبرها عن حياته عن الليل المجنون الذي رمى به على قارعة كلماتها ، أي حرب كانت تشتعل لترمي به ، من تلك المرأة التي خلفته رمادا لتأتي هنا تحت شجرة التوب لتستفيء بظلال أغصانها وترتوي من ماء بئرها العذب . وبين كل ذلك نراه تناديه : تعال تعال أيها الشقي … ربما أنت النازل من ثقب السماء أو أنت كمأة أنجبتها الأرض حين لقحها البرق . وقد تكون قدري الغارق غي رمال صحرائي ينتظر من ينتشله تعال فقط وسأخبرك من أنت على طريقتي تتسابق الكلمات عند ساندي إلى الكلمات لتنادي من أحببت ذاك الشقي المتمرد على صحراء حياتها والنازل بلحظته من السماء ليكون ليلكها وليكون ثمرتها التي نبتت في صحراءها ، فقط تناديه لقلبها لتكتب اسمه من جديد على طريتها التي عرفت والتي يجب أن يدركها . فالتجربة الأولى لساندي لم تكن خجولة أو أنها تحتاج إلى نضج بل أثبتت عبر القبلة الأخيرة مقدرتها كشاعرة فقد أدهشتنا بقصائدها التي فاضت حباً وحنيناً ووجدانا فحبها النابع من قاع قلبها جهرت به مراراً وفي أكثر من قصيدة نجد ذاك الحب متقدا حاضراً فديوان ” القبلة الأخيرة ” عالم جمالي ساحري متأمل ذو شعر ابداعي بلا أدنى شك أو جدال قرأته قراءة ممتعة لحد النشوة لما يحتويه من اعلان وبوح ورقصات بساحات الشعر والكلمات تشكلت بلوحات متعددة بألوان وموضوعات متعددة فقد أهدتنا ساندي إبراهيم مجموعة فتحت عوالم الشعر والنثر على مصراعيه بوح أنثى سكبت عواطفها بكل جرأة
