السبت ,27 أبريل 2024 - 1:24 مساءً
الرئيسية / حوار في صفحات / حسان أبو عياش..رحلة 60عاما من الإبداع في التصميم التاريخي والبيئي

حسان أبو عياش..رحلة 60عاما من الإبداع في التصميم التاريخي والبيئي

حوار – بسام جميدة

رائد هندسة الديكور للأعمال الدرامية

 

الإنتاج التلفزيوني والسينمائي صناعة ثقيلة وعلى مهندس الديكور إظهاره بالشكل الكامل حسب رؤيته الفنية والهندسية –

يعتبر الفنان المهندس حسان أبو عياش من أوائل مهندسي الديكور للأعمال الفنية الدرامية في سوريا وكان أول من وضع لمساته فيها، وخصوصا الأعمال التاريخية والبيئية، ناهيك عن بصماته في المجال الإعلامي بالمجلات والصحف من خلال رسوماته المعبرة، كما ساهم في وضع كثير من التصاميم الخالدة للطوابع السورية، وله اهتمامات واسعة بفن العمارة من خلال تخصصه العلمي.

صحيفة «عمان» حاورته في كثير من التفاصيل عن أعماله، تعالوا نتابع:

مذ كنا صغارا، كنا نتابع رسومك الجميلة في مجلات الأطفال، حدثنا عن البدايات..؟

أسستُ بدمشق مجلة «أسامة» عام 1969 وكلفت مع عدد من الأصدقاء الفنانين التشكيلين برسم صفحات المجلة، كما كُلفت مجموعة من الأدباء بتقديم قصصهم، وكانت مهمة ممتعة خاصة أننا استمتعنا في طفولتنا بمتابعة مجلة «سندباد»، ومن ثم مجلة «سمير» الصادرتين بالقاهرة بفترة الخمسينات من القرن الماضي، وقد اخترت المواضيع العلمية والتاريخية: علم الفضاء، الديناصورات، بناء سد الفرات، والحيوانات، وسلسلة رحلة إلى الفضاء، وسلسلة تاريخ الحضارة، وكتبت ورسمت أسطورة جلجامش وكان رئيس تحرير المجلة آنذاك المرحوم سعد الله ونوس على مدى 4 سنوات، وأنا افتخر بهذه الفترة التي انتهت سريعا بسبب انشغالي بالعمل التلفزيوني وأعمال فنية أخرى كتصميم الطوابع البريدية وديكورات معرض دمشق الدولي وديكورات الفنادق.

البدايات الصعبة في التلفزيون كيف كانت، وكذلك الانطلاقة مع المسلسلات..؟

بعد تخرجي من كلية الفنون 1965 كانت أمامي عدة خيارات، واخترت العمل في التلفزيون السوري الجهاز المدهش الذي تأسس عام 1961 مع تلفزيون القاهرة بعهد الوحدة، لم نكن نعرف أي أسس للديكور التلفزيوني إلا ما نعرفه عن الديكور المسرحي، فالديكور التلفزيوني لم يُدرس في كلية الفنون الجميلة، لذا اعتمدنا على تجاربنا ورؤيتنا في تصور أماكن الديكور، وباستمرار التجارب تطور عملنا من الشكل المسرحي إلى ما يتطلبه العمل التلفزيوني من أماكن مناسبة، وفي عام 1980 تحول التصوير من الأبيض والأسود إلى الملون وكان يتطلب جهدا إضافيا، كل المسلسلات والبرامج كانت تصور في الاستديو ولم تخرج الكاميرا خارجا إلا بعد عام 1990 وبعد عدة أعوام أصبح التصوير خارج الاستديو بالكامل.

قدمت أعمال ديكور لكثير من المسلسلات السورية البيئية والتاريخية، وماهي أهم هذه الأعمال التي أنجزتها..؟

الحقيقة، إن عدد المسلسلات والبرامج التي صممت ديكوراتها في التلفزيون كثيرة ويصعب حصرها، من فترة الأبيض والأسود إلى الملون إلى مرحلة التقاعد عام 2003 في التلفزيون السوري بعد 66 سنة عمل، والاستمرار بتصميم ديكورات مسلسلات من إنتاج القطاع الخاص وإلى يومنا هذا.

بعدها عُرفت أنني من مصممي ديكورات البيئة الشامية، لأني أحببت دمشق وحاراتها وبيوتها، وكنت أحاول قدر إمكاني نقل الطراز الدمشقي، والتقاط ميزاته وتفاصيله وإظهار جمالياته ومحاولة تكثيف عناصره وتوزيع أماكنه بما يناسب النص الدرامي، وكانت النتائج تتحدد بين الجيد والأجود حسب الزمن المخصص لبناء الديكور وحسب وجود عناصر التنفيذ الخبيرة، إضافة لإمكانيات الشركة المنتجة واهتمامها بالديكور، ونحن نترك الديكور بمسؤولية التصوير والإضاءة والإخراج وقد يظهر للمشاهد على الشاشة بشكله الجميل، وقد يساء إليه أحيانا ولا يظهر بالكامل عند بعض المخرجين.

ويخطر في بالي ديكورات مسلسل أيام شامية 2003، وحمام القيشاني 5 أجزاء 2004، والخوالي 2000، وليالي الصالحية 2004 وباب الحارة 9 أجزاء 2006-2017، وكوم الحجر 2007، وسوق الحرير 2021 وحارة القبة 2022 وزقاق الجن2022 ومربى العز 2023 وأعمال كثيرة لا يتسع المجال لذكرها.

كنت مساهما في أعمال تاريخية مهمة وأبدعت في صنع ديكور وأوابد تاريخية من أجل تنفيذها، كيف استحضرت الأفكار والماضي…؟

تتميز الديكورات التاريخية من أبنية ومفروشات وإكسسوارات غير موجودة في الواقع، وعلى مهندس الديكور تصميم هذه العناصر استنادا إلى ثقافته التاريخية والبيئية ومحاولته المقاربة بين الطراز المطلوب للعمل وطرز الحضارات المجاورة والاستعانة بموجودات المناطق الأثرية والمتاحف وبذلك يتحمل مسؤولية كبيرة تجاه العمل والمشاهدين.

من الأعمال التاريخية المهمة كان مسلسل العبابيد 1995 إخراج بسام الملا وهو عمل يتحدث عن تدمر وملكتها زنوبيا والحروب التي شنت عليها من قبل الإمبراطورية الرومانية، عملنا مع الزملاء في التلفزيون على الإعداد لديكورات المسلسل من مفروشات وزخارف وأعمدة وتيجان ولوحات فسيفساء وعناصر الحرب من أسلحة ورايات وعربات ومنجنيقات وغيرها، وتم بناء الديكورات في الاستوديوهات وفي أماكن متعددة من سوريا: آثار تدمر وقلعة الحصن وقلعة دمشق وغيرها.

كما عملت ديكورات لمسلسل أبي زيد الهلالي 2003 إخراج باسل الخطيب ومسلسل عنترة بن شداد 2007 إخراج رامي حنا – ومسلسل دليلة والزيبق2011 إخراج سمير حسين، إضافة لمسلسلات أخرى ومنوعات ثقافية عن أعلام العرب من قادة وأدباء وأرفقت الديكورات برسوم توضيحية قمت برسمها مع مجموعة من الفنانين التشكيليين.

قد يكون ليس من الصعوبة إنجاز ديكورات الأعمال البيئة والمعاصرة كونها لا تزال قريبة من الذهن ويوجد مراجع يمكن الاتكاء عليها، هل تشاطرني القول أن الصعوبة تكمن باستحضار الماضي في الأعمال التاريخية أكثر..؟

بالتأكيد قد تجد صعوبة من أجل هذه المقاربة مع الماضي، وهذه مهمة المهندس ومسؤوليته تجاه النص والمشاهدين، فكثير من الأعمال لا تتقيد بالطرز المعمارية التاريخية، ولا فرق عند بعض المصممين بين الطراز الأموي والعباسي والأندلسي..

وللأسف كثير من المسلسلات تصور على ديكورات قديمة مع تعديلات بسيطة دون الاهتمام لأن يكون للعمل ديكوراته الخاصة والمميزة ودون الأخذ بعين الاعتبار الحقوق الأدبية للمصمم الأصلي.

وبشكل عام الديكور التلفزيوني يحتاج إلى جهود المصممين والمهنيين المختصين ويحتاج إلى الوقت الكافي لإكماله بالشكل الفني المناسب وكثير من شركات الإنتاج لا توفر هذه الشروط.

لماذا لا يوجد لدينا كما في باقي البلدان مدن للإنتاج الفني، أعلم أنه تم طرح الفكرة في وقت ما، لماذا لم تر النور…؟

إنشاء مدن للأعمال التلفزيونية والسينمائية موضوع مهم لتطور الدراما بما توفره هذه المدن من منشآت ومرافق من أستوديوهات متعددة وورشات لتصنيع الديكورات ومستودعات متعددة للديكورات والمفروشات والأزياء والإضاءة، إضافة للمطاعم والاستراحات ومرافقها كما نراه في مدينة الإنتاج الإعلامي بضواحي القاهرة، حيث أعيد بناء شوارع وأبنية لأماكن مهمة من القطر المصري.

إلا أن بناء أماكن ثابتة ومفروشة بالكامل تجعلها تتكرر في كثير من الأعمال وأرى أن تكون الأبنية والشوارع قابلة للتعديل وتغيير مواصفاتها بين عمل وآخر وتترك لمهندس الديكور إظهار أسلوبه وابتكاراته.

في سوريا أنشأت بعض شركات الإنتاج مدنا صغيرة نسبيا خاصة بها كمدينة شركة عاج ومدينة الرحبة ومدينة الفيصل إلا أنها تحتاج لكثير من المرافق الأساسية إضافة للاستديوهات الكبيرة، كانت هناك فكرة ولكن لم بقيت فكرة ولم تنفذ.

هل التصوير في الطبيعة بات يزاحم أعمال مصممي الديكور، وبالتالي يراها المنتج والمخرج بأقل كلفة ووقت..ما رأيك..؟

يوجد في سوريا مناطق طبيعية بتضاريس متعددة، وهذا يجعلها مناسبة للأعمال الدرامية المختلفة ففيها البحر والجبل والغابات والأماكن الصحراوية، وفيها الأنهار والبحيرات إضافة للأوابد التاريخية من قلاع وآثار من مختلف العصور، إلا أن المدن وحاراتها تحتاج إلى جهد للقيام بتعديلات مناسبة للتصوير وإزالة الإضافات المعاصرة التي قد لا تتناسب مع فحوى النص في البيئة التراثية الأساسية إضافة لضوضاء الحياة المعاصرة كأصوات السيارات وغيرها، لذا يفضل المخرجون بناء هذه الحارات في أماكن خارج المدن وبعيدا عن ضجيجها، ويبقى لكل نص طبيعته التي تفرض التصوير الخارجي، وبات بعض المخرجين يفضلونه لأنه يمنح العمل صورة بصرية ممتعة.

ما بين الديكور الخارجي وداخل الاستوديو، أين تجد مساحة للإبداع أكثر..؟

الإبداع يبدو واحدا في كل الأماكن، والمهندس المتمكن من أدواته قادر على فعل شيء مميز أينما وجد، ولكن دعني أتحدث لك عن طبيعة العمل والمقارنة بينهما، خلال الثلاثين سنة من عمر التلفزيون كان كل التصوير يجري في الاستوديوهات، وكان العمل آنذاك أكثر حميمية، باعتبار أن الفنيين بمختلف اختصاصاتهم والممثلين والمخرجين يعملون كعائلة واحدة بظروف أكثر إنسانية، أما اليوم فالديكورات سواء أكانت شعبية أو تاريخية تبنى في الطبيعة خارج المدن ويتعرض العاملون الفنيون والممثلون لعوامل الجو القاسية من حر حارق إلى برد قارص وتقوم الرياح الشديدة بتحريك الديكورات وربما بهدمها حيث يعاد بناؤها من جديد.

إن بناء استديوهات كبيرة أمر مهم والعودة للتصوير فيها أمر يخفف معاناة العاملين وأضرب مثلا ديكورات مسلسل أيام شامية 1992 حيث بنيت الحارات والبيوت ضمن الاستديو ويظن المشاهدون أنها بنيت في أماكن طبيعية، وهنا توفر عامل الإبداع وعامل الراحة أيضا.

مسيرتك الفنية حافلة بالرسم واللوحات الفنية واستخدمت في كثيرها المكعب المزخرف، وعملت مزجا للخط مع الرسم وبألوان معبرة وظلال موحية، ماهي دلالات ذلك..؟

بدأت الرسم منذ الصغر متأثرا بوالدتي التي كانت ترسم أمامنا لوحاتها الزيتية بمناظر طبيعية عن بيت الجد في لبنان، وبدأت برسم اللوحات الزيتية في ثانوية المأمون بحلب حيث انتقل والدي الذي يعمل في سلك القضاء، وفي أول الستينات انتقلت العائلة إلى دمشق، وعام 1961 اشتركت في معرض الخريف الرسمي بلوحة منظر من لبنان، وبعد نيلي الشهادة الثانوية انتسبت إلى المعهد العالي للفنون الجميلة وأصبح لاحقا كلية الفنون الجميلة «اختصاص فنون زخرفية، هندسة ديكور» وتخرجت عام 1965 وخلال الفترات الأولى رسمت المناظر الواقعية عن الطبيعة وتطورت إلى الرسم السريالي والتجريدي.

وبسبب اشتغالي في التلفزيون واستخدام الزخارف العربية في الديكور تأثرت أعمالي بهذه الزخرفة التي أحببتها كونها من التراث العربي، وحاولت تطوير هذه الزخارف فرسمت بأسلوب الفن البصري «أوب أرت» وكان هذا الأسلوب أحد مشاريع طلاب كلية هندسة العمارة حيث كنت أدرس فيها لمدة 25 سنة من 1970- 1995.

وبقيت لوحاتي تهتم بالزخرفة والكتابات العربية وتحويلها من شكلها المسطح الى المجسم فظهرت بعد مدة المكعبات المزخرفة المتحركة في الفراغ وكانت أسماء اللوحات: مجرة، كون، الأرض والسماء…إلخ.

وبسبب خبرتي في الديكور الدرامي قمت بالتدريس في المعهد العالي للفنون المسرحية فرع السينوغرافيا وحاولت نقل تجربتي الطويلة لطلاب المعهد، إضافة لإلقاء محاضرات لدورات نظمتها المؤسسة العامة للسينما وغيرها.

كمهندس ديكور وصاحب لمسة تراثية في البناء المعماري، كيف تنظر للتشويه البصري الذي يصيب المدن السورية وخصوصا الأماكن القديمة، وكيف لنا أن نحافظ عليها كموروث ثقافي…؟

لا نلوم المواطن البسيط والفقير لتحسين مكان سكنه بإضافة مواد حديثة كالألومنيوم أو توسيع منزله ببناء جدران أسمنتية التي لا تتلاءم مع مواد البناء التراثية، إنها مسؤولية الدولة والمؤسسات السياحية للقيام بهذه التعديلات المسيئة للتراث ومنعها، وإبعاد الورشات الصناعية غير التراثية عن هذه الأحياء. وإبقاء بعض الصناعات كالموزاييك والصدف والفخار، ومن الجمال وجود مراسم ومعارض للفنانين التشكيليين، ولا بأس من وجود المطاعم والمقاهي الشعبية ومحلات بيع التحف الشرقية وهي تبعث الحيوية لهذه الأحياء، وهذا الأمر ينطبق على كل المدن السورية والبلدات التراثية والأثرية.

أعمال الجرافيك والتأثيرات البصرية هل تهدد مكانة الديكور الحقيقي في الأعمال الفنية بسبب التقدم التكنولوجي الذي يتيح كثيرا من التصاميم لخدمة العمل دون الدخول في كلف باهظة الثمن وأدوات كثيرة مثلا..؟

بدأنا العمل في الدراما والفن التشكيلي منذ ما يقارب 60 سنة، لم تكن الوسائل المعاصرة موجودة وكان اعتمادنا على الرسم اليدوي في إنجار التصاميم واللوحات التوضيحية للعمل، وعندما بدأت بتصميم الطوابع البريدية كنت أفرز وأرسم ألوان الطابع بعدة رسوم، وفي أوائل العمل في التلفزيون لم تكن عملية المونتاج قد تطورت، وبعد استحداث تقنيات الكومبيوتر الجرافيك وثري دي ماكس «والحقيقة إنني لا أتقنها وما زلت اعتمد على الرسم اليدوي بشكل أساسي» وأنصح طلابي بالاعتماد على الرسم لأنه يظهر شخصية المصمم وأسلوبه، أما بالنسبة للأعمال التلفزيونية وخاصة برامج المنوعات والاحتفالات الغنائية كنا نعتمد على التصميم الذي يحوي الرموز والأشكال التي تخص موضوع البرنامج أو الحفل أما اليوم سيطرت التكنولوجيا المستوردة على المشهد وألغت الخصوصية وشخصية المصمم.

كيف يؤرخ الفنان لنفسه، وهو الذي يؤرخ للآخرين، هل في نيتك إنجاز فيلم وثائقي عن أعمالك أو كتاب أو تدوين ما في الذاكرة من ذكريات مثلا..؟

أمر مهم وجود مستند أو فيلم عن أعمال الفنانين المصممين وهو وثيقة تفيد الأجيال الجديدة وتحافظ على تراث الوطن، ونحن في البلاد العربية نحاول إهمال كل إنجازات الماضي ولا نحب التوثيق ونلجأ غالبا إلى البلاد الأجنبية لمعرفة تاريخنا.

أنا أحب كل ما أنجزته من أعمال فنية وأقوم بتوثيقها وتصويرها إضافة لما أنجزه زملائي الفنانون، وسجلت مذكراتي لأعمال الديكور والفن التشكيلي إضافة للعائلة، وعند إحالتي للتقاعد عام 2003 أقمت معرضا لأعمالي في الديكور التلفزيوني والمسرحي في صالة الشعب افتتحه وزير الإعلام وهو أول معرض يقام للديكور التلفزيوني، كما أصدرت كتابا عن لوحاتي عام 1992، وكتابا عن أعمالي التلفزيونية مرافقا لمعرض الديكور.

أكثر الأعمال التي استهلكت منك الجهد لكي تنجزها..؟

لا شك أن العمل في ديكورات المسلسلات التلفزيونية تأخذ جهدا أكبر من الأعمال الفنية الأخرى، وقد يبدو العمل فيها أحيانا غير إنساني، فالديكورات تبنى في بلدنا بالخلاء بوسائل تبدو بدائية، ويتعرض العاملون فيها للعوامل الجوية القاسية، إضافة للمسؤولية المعنوية كون هذه الديكورات ذات تكلفة مرتفعة وعلى المصمم أن يعمل لكي تؤدي الهدف الذي أنشئت له جماليا وما يخدم العمل الدرامي وللأسف ورغم أن الديكور التلفزيوني عمل فني وإبداعي لا يلقى حاليا التقدير المعنوي والمادي المتناسب مع الجهد المبذول، وفي الماضي كان التقدير أعلى وكانت الصحافة تهتم بالديكور والأزياء والإضاءة، وتقدم الجوائز التقديرية في مهرجانات الدراما والأجور كانت متناسبة بين جهات العمل، واليوم يتركز التقدير الإعلامي على النجوم و الإخراج وهناك فوارق شاسعة في الأجور بين عناصر العمل الدرامي.

في بعض الأعمال التلفزيونية أو المسرحية نشاهد تشويها بصريا للديكور الذي لا يخدم الفكرة والمضمون، ونجدها مكررة وكأنها أفكار مسروقة، ماذا تقول عن ذلك..؟

يعتبر المكان أو الديكور جزءا مهما من العمل الدرامي، وهو يُفعل الحدث الدرامي فيزيد عليه تأثيرات تشكيلية مختلفة من رموز وأشكال وألوان متعلقة بالحدث، ويوحي للمشاهد بالزمن سواء كان صيفا أو شتاء، أو متعلقا بتاريخ معين جرت فيها الأحداث من خلال طراز البناء، كما يوحي بالبيئة الصحراوية أو الجبلية حسب مواد البناء المستعملة، والنباتات المغروسة، كما يوحي بالحالات الاجتماعية الفقيرة أو الغنية.

الإحساس بالمكان وجمالياته متعلق بثقافة المخرج أو المنتج، الفنية التشكيلية، فمنهم ما يأخذهم النص الأدبي للعمل عن المكان فلا يرون له دورا، فيركزون على الممثل والحوار، ويبقى المكان خلفية حيادية للمشهد وربما ضبابية.

ومن ناحية أخرى يجب أن يكون المشهد الدرامي كلوحة فنية من خلال توزيع الأشخاص في المشهد وعلاقاتهم بعناصر المكان، وهو تكوين تشكيلي يبرع فيه مديرو التصوير والمخرجون ذوو الثقافة التشكيلية، والإضاءة مهمة لإبراز الديكور فهي تبين عناصره وتجسمه بتوزيع الظل والنور وقد تسيء إليه بتشتيت مكوناته.

كل ذلك إذا لم ينفذ بالشكل الصحيح يسيء إلى المكان والديكور التلفزيوني ويحيد دوره كأحد أبطال العمل.

مهندس الديكور الجاد يهتم بمقولة النص ويحاول تصميم المكان بما يساعد بإيصالها للجمهور ويتطلب منه جهدا للبحث وجمع الوثائق والتصميم الواضح الدقيق ومن ثم الإشراف على التنفيذ وكثير من شركات الإنتاج تكلف بالديكور أشخاصا غير مختصين، فتظهر على الديكور أخطاء وتداخل في الطرز المعمارية المختلفة إضافة إلى تدن في الجماليات الفنية التشكيلية.

ماهي المعاناة في أعمال الديكور بالنسبة للمسلسلات، وهل تأخذ كامل صلاحياتك للعمل، وهل يهتم المنتجون في هذه الناحية كثيرا..؟

من المقولات أن الإنتاج التلفزيوني والسينمائي هو من الصناعات الثقيلة، والديكور يأخذ دورا مهما في هذه الصناعة، ويتحمل مهندس الديكور مسؤولية إظهار دور الديكور بالشكل الكامل وحسب رؤيته الفنية والهندسية، وبما أن العمل التلفزيوني عمل مشترك فإنه يتعرض لتأثيرات وطلبات الجهات الأخرى المشاركة، فالمخرج له أسلوبه ورؤيته التي حددها لإخراج العمل، وقد يتدخل بالإضافة والحذف، ومدير التصوير والإضاءة كثير ما يتدخل لتحديد مصادر الضوء من مصابيح ونوافذ وتعديل درجات اللون حسب حساسية الكاميرات، والأصعب تدخل مدير الإنتاج الذي يحاول تقليص النفقات التي يتطلبها بناء الديكور بالحجم والشكل الأمثل الذي يتطلب مواد أولية جيدة وعدد عمال كافٍ وعناصر فنية مهنية وخبيرة، وبما أن الديكور عمل فني وتقني فهو يحتاج إلى زمن كاف لتحقيقه بالشكل الجيد، وهذا قد لا توافق عليه الجهة المنتجة وعلى مهندس الديكور أن يدافع عن عمله تصميما وتنفيذا وقد ينجح بالكامل أو يتنازل.

هل تم الاستعانة بخبراتك وإبداعك في أعمال فنية خارج سوريا..؟

أغلب الأعمال التي صممتها كانت في سوريا، إلا إنني قمت بتصميم ديكور مسلسل سعودي في مدينة الرياض وهو عمل عن البيئة النجدية عام 1997 وجزء من هذا العمل صور في دمشق.

وقمت بعمل آخر وبناء ديكوراته في أحد استوديوهات أبو ظبي وهو مسلسل حمام شامي 2013، وصممت ديكور لاحتفالات رمضان نفذ في بيروت لمحطة المنار 2008، كما جهزت بعض الديكورات لمسلسل أبي زيد الهلالي 2003.

شاهد أيضاً

الأمريكي جون كاتلين يتوج بلقب بطولة السعودية المفتوحة للجولف

متابعة صفوان الهندي توج الأمريكي جون كاتلين بلقب بطولة السعودية المفتوحة للجولف والمقدمة من صندوق …